البحث الأول: إنشاء المدينة.
مقدمة:
المدينة
مركزا للتواجد الحضاري، فكانت منذ القدم فضاء مهيكلا للإقليم و المجتمع، يرتكز فيه
السكان بصفة قارة و دائمة مما يسمح بتنمية نشاط الإنسان و تراكم ثرواته. و تتنوع
أنشطتهم بنمو السكان فكان نسبة السكان الجزائر يقدر بحوالي 12 مليون نسمة عام 1966
تعيش نسبة 31 بالمائة في المدن، في حوالي 95 تجمعا سكانيا حضريا وارتفع التعداد
السكاني سنة 1987 إلى 23 مليون نسمة، 50 بالمائة منهم يعيشون في المدن.
المدينة
بمفهومها القانوني كل تجمع حضري ذو حجم سكاني يتوفر على وظائف إدارية و اقتصادية و
اجتماعية و ثقافية([1])،
عرفت أشكالا مختلف باختلاف حجم السكان من التجمع الحضري ذو 5000 نسمة إلى الصغيرة ذو
20.000 نسمة إلى 50.000 نسمة إلى المدن المتوسطة ذو 50.000 إلى 100.000 نسمة إلى
المدن الكبرى التي يفوق عدد سكانها 100.000 نسمة، فتوسع التواجد البشري القار و
كثافته، اضطر الأمر إلى انتهاج سياسة تهدف إلى توجيه و تنسيق تدخل مختلف الميادين
الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية للمدينة.
و
جاء في خطاب الوزير المنتدب لتهيئة العمرانية أمام النواب عند طرح مشروع القانون
الذي يتضمن المدينة انه يتوقع أن تقارب نسبة السكان الحضر موالي 70 بالمائة سنة
2010، و 80 بالمائة سنة 2025، يرتبط نمو وازدهار المدينة بالتطور التكنولوجي
والاقتصادي الذي يساهم في تزايد الناتج الداخلي الخام بتزايد النمو السكاني، و
يختلف الأمر بالنسبة للجزائر لان النمو
السكاني لا يصاحبه زيادة في الناتج الداخلي الخام، و هذه الظاهرة أصبحت محل
اهتمامات السلطات لاعتبارها قلب التحديات و الرهانات، من خلال اعتماد على إطار
مؤسساتي و تشريعي ينظم شؤون المدينة حتى تلعب دورها في تشجيع التطور التكنولوجي و
الاقتصادي، و جاذبيتها للاستثمارات لاكتساح الأسواق الخارجية، و مركزا حضاريا جذاب
في احتضان التظاهرات الاقتصادية و الثقافية و الرياضية من شأنها ترقيتها، و أن
اختلال في التعمير ناتجا عن اختلال الإقليم
و انعدام التوازن و زاد بفعل النزوح المكثف على المدن الناجم خاصة عن
الوضعيتين الأمنية والاقتصادية، و عدم مسايرة السياسة العقارية للتغيرات التي
شهدتها المدينة باعتماد الحلول الظرفية، و أدى ذلك إلى توسع الرقعة الجغرافية
للمدينة على حساب الأراضي الفلاحية المحدودة أصلا و تزايد هذه المدن على الشريط
الساحلي([2]). مما
يطرح علينا إشكالية التطلع على أدوات التحكم النسيج الحضري والتوسع العمراني للمدينة؟
لأن في غياب أدوات وقواعد إنشاء المدينة سيسمح هذا الوضع إلى اختلال في الوسط
المعيشي و عدم سيطرة للمجال الحضري من حيث تنظم السكاني و العمراني و الإداري و ظهور
مشاكل الاقتصادية ارتفاع درجة البطالة، و اجتماعية كتفشي ظاهرة الجريمة و غيرها من
المشاكل. وللمجال الجغرافي دور أساسي في حماية الثروات الطبيعية والحفاظ على
ديمومتها.
المبحث الثاني: أدوات إنشاء المدينة الجديدة.
تعد مدنا جديدة، حسب المادة 2 من القانون
رقم 02-08 المؤرخ في 8 ماي سنة 2002، المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها([3])، كل تجمع بشري ذي طابع حضري ينشأ في
موقع خال أو يستند إلى نواة أو عدة نوى سكنية موجودة. انطلاقا من التعريف القانوني
للمدينة الجديدة فإنه يعتمد على قواعد محددة فلا يتعلق الأمر بتوجيه المدينة و إنما
بإنشائها و بالتالي فإن القواعد المتعلقة بإنشاء المدينة في موقع معين.
المطلب الأول:المخطط الوطني لتهيئة الإقليم
كوسيلة تحديد مجال إنشاء المدن الجديدة.
يعطي المخطط الوطني لتهيئة
الإقليم، الذي يعد الوسيلة القانونية الأساسية لتحقيق توازن البنية
العمرانية، إمكانيات إنشاء المدينة
الجديدة و يحدد وظائفها و موقعها([4]).
و تنظم بموجبه و على أساسه المخططات القطاعية.
المطلب الثاني: مخطط تهيئة المدينة الجديدة
كوسيلة لتحديد محيط تهيئة المدينة.
و يسمح هذا المخطط بحماية المحيط و
لاسيما حماية الأراضي الفلاحية و الأراضي الصالحة للزراعة، إذ يحدد محيط التهيئة
للمدينة الجديدة و محيط حمايتها، و تراعي فيه الخصوصيات الثقافية و لاجتماعية
للمنطقة([5]). بحيث
يحدد مخطط تهيئة المدينة الجديدة، برنامج الأعمال العقارية ذات الأمد القصير و
المتوسط والبعيد([6]).
المبحث الثاني: تـأطير إنشاء المدن الجديدة.
المطلب الأول: تنظيم المؤسساتي لإنشاء المدينة
الجديدة
و هنا تأتي في الواجهة الأولى
الهيئة المركزية بما أنها ترسم السياسة العامة للمدينة و تضع برامج إنشاء المدن
الجديدة و تحديد موقعها، أما الوسيلة القانونية لتنفيذ هذه البرامج هي مؤسسة
عمومية تتمثل في هيئة المدينة الجديدة (بوغزول، و غيرها) تنجز المنشآت القاعدية و
التجهيزات الأساسية للمدينة
المطلب الثاني: تنظيم الحافظة العقارية كوعاء
لإقامة المدينة.
و هنا انطلاقا من نص المادة 11 من القانون
رقم 02-08 المؤرخ في 8 ماي سنة 2002، المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها([7])،
تتولى الدولة تكوين كل أو جزء من الحافظة العقارية التي تتخذ وعاء لإقامة كل مدينة
جديدة، من أموال عمومية و تتنازل عتها للهيئة المدينة الجديدة باعتبار هذه الأخيرة
تتحكم في تسيير و تاطير إنشاء المدينة الجديدة.
الخاتمة:
المدينة وسيلة معمارية جوهرية
لتحقيق بيئة معيشية و اقتصادية منسجمة لمنطقة معينة، تسمح بتطور المجتمع بنسق
نشاطه (الاقتصادي/ الثقافي/الاجتماعي/السياسي).
النصوص القانونية المعتمدة:
القانون رقم 02-08 المؤرخ في 8 ماي
سنة 2002، المتعلق بشروط إنشاء المدن الجديدة و تهيئتها، الجريدة الرسمية بتاريخ
14 ماي سنة 2002، العدد 34، ص.4.
القانون رقم 06-06 المؤرخ في 20
فيفري سنة 2006، الذي يتضمن القانون التوجيهي للمدينة، الجريدة الرسمية بتاريخ 12
مارس سنة 2006، العدد 15، ص.16.
القانون رقم 01-20 المؤرخ في 12
ديسمبر سنة 2001، المتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة، الجريدة الرسمية
بتاريخ 15 ديسمبر سنة 2001، العدد 77، ص.18.
المرسوم التنفيذي رقم 04-97 المؤرخ
في أول افريل سنة 2004، الذي يتضمن إنشاء المدينة الجديدة لبوغزول، الجريدة
الرسمية بتاريخ 4 ابريل سنة 2004، العدد 20، ص.26.
المرسوم
التنفيذي رقم 05-443 المؤرخ في 14 نوفمبر 2005، الذي يحدد كيفيات تنسيق المخططات
التوجيهية القطاعية للبنى التحتية الكبرى والخدمات الجماعية ذات المنفعة الوطنية
ومجال تطبيقها ومحتواها وكذا القواعد الإجرائية المطبقة عليها، الجريدة الرسمية بتاريخ 20
نوفمبر 2005،
العدد 75، ص.12. معدل بـ:
-
المرسوم
تنفيذي رقم 07-314 المؤرخ في 10 أكتوبر 2007، الجريدة الرسمية بتاريخ 21
أكتوبر 2007،
العدد 66، ص.7.
-
المخططات التوجيهية القطاعية: ج.ر. بتاريخ 15
أكتوبر 2006،
العدد 65، ص.14-21.
المرسوم التنفيذي رقم 12-94 المؤرخ
في أول مارس 2012، الذي يحدد شروط وكيفيات إعداد المخطط
التوجيهي لتهيئة فضاء المدينة الكبيرة والموافقة عليه. الجريدة
الرسمية بتاريخ 07 مارس سنة 2012، العدد 14، ص.8.
المرسوم التنفيذي رقم 11-76 المؤرخ
في 16 فيفري سنة 2011 الذي يحدد شروط و كيفيات وضع مخطط تهيئة المدينة الجديدة و
إعداده و اعتماده، الجريدة الرسمية بتاريخ 20 فبراير 2011، العدد
11، الصفحة 10. المعدل بـ:
-
المرسوم
تنفيذي رقم 14-68 المؤرخ في 09 فبراير 2014، الجريدة الرسمية بتاريخ 09
فبراير 2014، العدد 8، ص.9.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق